"هاري بوتر".. الأدب طريقًا إلى الثراء
صفحة 1 من اصل 1
"هاري بوتر".. الأدب طريقًا إلى الثراء
"هاري بوتر".. الأدب طريقًا إلى الثراء
[img][/img]
بقلم: حسين التلاوي
يعيش العالم حاليًّا ما يمكن أن يطلق عليه تعبير حمى "هاري بوتر" بعد صدور الكتاب السابع من مغامرات ذلك الساحر الصغير بعنوان "هاري بوتر والتجاويف القاتلة" في 21 يوليو الحالي، وقد اتخذت تلك الحمَّى العديد من المظاهر، ومن بينها السعي المحموم إلى اقتناء الكتاب بالوقوف لساعات طوال أمام المكتبات للحصول على نسخة من العدد السابع، في ظاهرةٍ توضح أن الكتاب لم يفقد عرشه بعد لصالح القراءة الإلكترونية والإنترنت.
انتظر القراء أمام المكتبات للرغبة في امتلاك نسخة من الكتاب قبل الآخرين؛ مما جعل الكثير من وسائل الإعلام تسلط الضوء على الكيفية التي حصل بها أوائل من نالوا نسخ الكتاب في بلادهم على نسخهم الخاصة، كما حرص بعض القراء على ارتداء الأزياء الشهيرة لأبطال مغامرات هاري بوتر؛ مما دفع بعض المكتبات الى تنظيم مسابقات حول أجمل الأزياء وأفضلها وغيرها من المسابقات التي يبرع فيها الغرب أكثر من غيره.
فلماذا هذه "الحمى البوترية"؟! ما هي دلالاتها؟ وما هو العقل المبدع الذي يقف وراء تأليف هذا العالم السحري؟! وهل يمكن في وقت من الأوقات أن نرى هاري بوتر عربيًّا أو قارئًا عربيًّا يقف بالساعات أمام مكتبة؛ انتظارًا لصدور مطبوعة ما؟!
رولينج والساحر الصغير
العقل الذي يقف وراء إبداع عالم هاري بوتر هو عقل الكاتبة البريطانية جوان رولينج، التي تبلغ عامها الـ42 في 31 يوليو الحالي، والتي تكتب تحت اسم "ج. ك. رولينج" لأسباب تتعلق برغبة شركة بلومزبري التي نشرت أولى أعمالها- قبل "هاري بوتر"- في أن تعطي اسمها رنينًا ذكوريًّا وقورًا لضمان جذب الآباء لشراء أعمالها الإبداعية لأطفالهم؛ حيث خشِي القائمون على الشركة ألا يشتري الآباء أعمال الكاتبة إذا عرفوا أنها أنثى، وبالتالي اختفت هوية الكاتبة وراء اسم "ج. ك. رولينج"، أي أن اسم كاثلين- الذي يرمز له حرف الكاف- غير موجود في أصل اسم الكاتبة ولكنها اعتبارات التسويق!!
وتقول الكاتبة إنها كانت موهوبةً منذ الصغر في مجال الكتابة، وكانت تحلم بكتابة قصص الأطفال، وبالفعل بدأت في الكتابة منذ الصغر، ونالت التشجيع من واحدة من عماتها؛ مما جعلها تستمر في الكتابة حتى أبدعت عالم هاري بوتر الذي قادها إلى عالم الشهرة والمال؛ حيث جمعت من الكتابة حوالي 545 مليون جنيه إسترليني، أي ما يوازي مليار دولار، وفق إحصاءات جريدة (صنداي تايمز) البريطانية؛ الأمر الذي يجعل رولينج الكاتبة الأولى التي تصل إلى عالم المليونيرات بل والمليارديرات من الكتابة!!
من هو هاري بوتر؟!
هذا عن الكاتبة فماذا عن هاري بوتر نفسه؟! بصفة عامة يتسم عالم هاري بوتر بكل ما يريده الأطفال، فهو عالم مليء بالأطفال مثلهم، وحافلٌ بالصراعات بينهم، بكل ما تحمله من رغبات طفولية، ونزعات انتقامية، كما أنه مليء بالمخلوقات السحرية، الشريرة منها والطيبة، وتجري في جنباته الكثير من الصراعات بين الخير والشر، تنتهي بانتصار الخير ممثلاً في هاري بوتر.
وهاري بوتر هو طفل فقد والديه في ظروف غامضة- على الأقل في البداية- وعمره عام واحد فقط، وتربَّى في منزل خالته وتُدعى بيتونيا وزوجها فيرنون ديرسلي، اللذين كانا يقسوان عليه كثيرًا بسبب كراهيتهما لما كان عليه والدا هاري بوتر، وهما جيمس وليلي بوتر؛ حيث كانا من السحَرة، إلا أن خالة الطفل لم تخبره بحقيقة الأمر، وظل حتى عامه الـ11 يعاني من قسوة خالته وزوجها وتفضيل ابنهما ددلي- الذي يمثل كل ما هو سيئ للأطفال من وقاحة وعدوانية- عليه، بصورة تثير أعصاب القارئ!!
وظلت الحال ببوتر هكذا حتى أتم عامه الـ11، وعندها بدأ السحرة يحاولون استعادته لكي يواصل طريق والديه في الحياة، وهنا عرف أنهما لقيا مصرعهما على يد ساحر شرير يُدعى لورد فولدمورت، وهو الاسم الذي لا يجب أن يذكره أحد، كما عرف بوتر أنه مشهور في عالم السحر منذ مولده، بعدما فشل فولدمورت في قتله، على الرغم من أن الساحر الشرير قتل الكثير من السحرة الأخيار.
وبعد شد وجذب ومعارضة من خالته وزوجها توجَّه هاري بوتر إلى مدرسة السحر واسمها هوجوورتس، وتنقسم إلى 4 بيوت، وهي: جريفندور، وهافلباف، ورافينكلو، وسليذيرين، وهناك يواجه بوتر مغامراته بصحبة أصدقاء له، وفي مقدمتهم مدير المدرسة ويُدعى دمبلدور أفضل ساحر على وجه الأرض، والوحيد القادر على التصدي لفولدمورت الساحر الشرير، بالإضافة إلى فتاة تُسمَّى هيرميون جرينجر وفتى يُدعى رون ويزلي، وكلاهما من زملائه الأطفال في مدرسة السحر.
وهناك العديد من العوامل التي أدَّت إلى نجاح سلسلة هاري بوتر، ومن بينها القدرة الإبداعية التي تميزت بها الكاتبة رولينج؛ حيث استطاعت صياغة عالم متكامل من الشخصيات الجذابة للأطفال والكبار على حدٍّ سواء، بالإضافة إلى عامل أهم آخر، وهو الفراغ الروحي الذي يعانيه المجتمع الغربي؛ حيث يعيش الغرب في حالة من الفراغ الروحي بسبب الانغماس في المادة التي تعد المحرك الرئيسي للحياة في العالم الغربي.
وتدفع حالة الفراغ الروحي تلك الكثير من الغرب إلى اللجوء للخرافات والتنجيم، وهو الأمر الذي بدأت رياحه تهب في العالم العربي بانتشار السحرة في القنوات الفضائية العربية!! ومن ملامح الفراغ الروحي أيضًا لجوء الكثير من الغرب إلى اعتناق ديانات أخرى لملء هذا الفراغ، ومن مظاهر ذلك لجوء بعض اليونانيين إلى إعادة إحياء الديانة اليونانية القديمة، وتقديم الطلبات للحكومة اليونانية لكي يتعبَّدوا في المعابد اليونانية الأثرية، كما كان يفعل أجدادهم الأقدمون.
سر النجاح
ما سبق كان عوامل مهمة أسهمت في إنجاح مغامرات "هاري بوتر"، إلا أن هناك عاملاً أكثر أهميةً من ذلك، وهو العامل الذي يأتي في ثنايا المغامرات على مستوى أعلى قليلاً من مستوى القراءة البسيطة التي لا تهتم إلا بالمغامرة كمغامرة للإمتاع فقط دون أية دلالات أخرى، فما هو هذا العامل؟!
تقول رولينج: إنها مسيحية مؤمنة، فهي عضو في كنيسة إسكتلندا، وبالتالي لا تؤمن بالسحر إلا أنها تقول "إذا عرف القارئ بمعتقداتي المسيحية فسوف يمكنه فهم ما يقرأه في تلك الكتب"، وهو ما يعني ربطًا صريحًا من الكاتبة لما كتبته بالدين المسيحي وبالأخص المذهب البروتستانتي، الذي تتبعه الكنيسة التي تنتمي إليها الكاتبة، ويتبدَّى هذا الربط في شخصية هاري بوتر نفسها، فيمكن القول بأن مدرسة هوجورتس تمثِّل نسلَ بني إسرائيل، الذي يضم أتباع العهد القديم المتمسكين به، وهم أتباع بيت سليذيرين الذي يرفض الاندماج بين السحرة والعامة، في إشارةٍ إلى رفض اليهود الاندماج بين اليهود وغيرهم، ويطلقون على الآخرين من غير اليهود اسم "الأغيار"، إلا أنها تضم أيضًا أتباع العهد الجديد، وهم المسيحيون، الذين يؤمنون بضرورة التعايش بين كل البشرية لا نسل بني إسرائيل فحسب.
أما هاري بوتر نفسه فهو يمثل أحد الأركان الرئيسية في فكر بني إسرائيل، وهو السحر، فهو أبرع السحرة، ويمكن القول بأنه يرمز إلى نبي الله عيسى عليه السلام من حيث نشأته التي عانى فيها من عنَت أهله، وهي المعاناة التي من المفترض وفق الكاتبة أنها تشبه معاناة الأنبياء فيما يرمز أصدقاؤه الذين يشاركونه في مختلف مغامراته إلى الحواريين الذين صاحبوا نبي الله عيسى عليه السلام.
كما يمثل بوتر قيم التسامح والتعايش؛ حيث يظهر تأييد بوتر للتعايش بين العامة والسحرة عندما يدافع عن صديقته هيرميون ضد أتباع بيت سليذيرين الذين يتهمونها على الدوام بأن "دمها قذر"، أي غير نقيّ؛ لأنه خليط من السحر والعامة، وإلى جانب ذلك فإن لبوتر العديد من الأمور الخارقة، ومن بينها الكلام بلغة الثعابين، مثلما حدث في مغامرته الثانية "هاري بوتر وحجرة الأسرار"؛ حيث أنقذ صديقًا له من إحدى الأفاعي عندما أمرها بعدم إيذائه، وهي اللغة التي لا يتحدث بها أيٌّ من الطلبة.
إذن، هذا الجانب الديني نجح كثيرًا في اجتذاب الكثير من المتدينين حول العالم لكي يقرأوا القصة ويتجاهلوا فكرة أنها تستند إلى السحر، أي أن الجانب السحري في الروايات اجتذب القرَّاء الذين يعانون من الفراغ الروحي ويستندون إلى الخرافات، بينما اجتذب الجانب الديني- الذي أقرت به الكاتبة- أولئك المتدينين الذين رأوا في روايات هاري بوتر ما يدعم الانتماء المسيحي لدى أطفالهم.
بوتر ضد الإنترنت!!
محور آخر يلفت الانتباه في مغامرات "هاري بوتر" وهو حجم الإقبال الكبير جدًّا والزائد عن الحد على اقتناء المغامرات، وهو الأمر الذي لم يقتصر على قارة دون أخرى أو على مستوى اجتماعي دون آخر، فالكل سعى إلى اقتناء مغامرات هاري بوتر، والكثيرون سعوا إلى أن يكونوا أول من اقتنى النسخ في بلاده!!
وقد دفع ذلك الهوس الكبير وسائل الإعلام إلى تتبُّع مَن هو أول مَن حاز النسخة، فكان على سبيل المثال مواطنًا عاديًّا وابنته في فنلندا، حصلوا على النسخة بسبب خطأ مِن موظف البيع بعدما باع النسخة مبكرًا عن الموعد المقرر لعدم معرفته بذلك الموعد، كما يتبدَّى الهوس أيضًا في إسبانيا التي تكالب القراء فيها على شراء النسخة، على الرغم من أنها بالإنجليزية وليست بالإسبانية؛ حيث من المتوقع أن تصدر النسخة الإسبانية بعد عام من الآن.
كل ذلك يوضح أن هاري بوتر أكد بكل الوسائل الممكنة أن الكتاب لا يزال يتصدر قائمة اهتمام القراء والمثقفين والراغبين في المعرفة حول العالم لا الإنترنت، بشرط أن تتوافر المادة الجذابة التي تضم ما يهم القارئ وما يجذبه إلى الكتاب، ولعل في هذه النقطة درسًا للعالم العربي يتلخَّص في أن الغرب الذي "اخترع" الإنترنت تجاهلها مؤقتًا لصالح الإبداع الورقي، بل إنه استغلَّ الإنترنت من أجل الترويج للكتاب الورقي بدلاً من النمط الفكري السائد في العالم العربي بضرورة التخلي عن القراءة والكتب الورقية؛ باعتبارها "موضةً قديمةً" في مواجهة الإنترنت ساحر العصر!!
ويقود ذلك إلى سؤال: هل توجد إمكانية لوجود هاري بوتر عربي؟! التجارب السابقة في الأدب العربي كثيرة ومن بينها سلسلة "اللغز" التي كانت تصدرها دار المعارف، ابتداءً من أواخر الستينيات، إلى جانب تجربة "روايات مصرية للجيب" المستمرة في الأسواق، إلا أنها تلك التجارب لم تكتمل أو تعرضت للعرقلة للعديد من العوامل، وفي مقدمتها ضعف المستوى الاقتصادي للشعوب العربية، الذي لا يتيح للقارئ أن يستمر في مواجهة ارتفاع أسعار الروايات المطرد، بالإضافة إلى الأكذوبة التي سرت في أوساط الشباب العربي بأن الإنترنت أنهت عصر الكتابة الورقية، وهي الأكذوبة التي هزمها ساحر صغير اسمه "هاري بوتر"!!
المصدر: إخوان أون لاين
[img][/img]
بقلم: حسين التلاوي
يعيش العالم حاليًّا ما يمكن أن يطلق عليه تعبير حمى "هاري بوتر" بعد صدور الكتاب السابع من مغامرات ذلك الساحر الصغير بعنوان "هاري بوتر والتجاويف القاتلة" في 21 يوليو الحالي، وقد اتخذت تلك الحمَّى العديد من المظاهر، ومن بينها السعي المحموم إلى اقتناء الكتاب بالوقوف لساعات طوال أمام المكتبات للحصول على نسخة من العدد السابع، في ظاهرةٍ توضح أن الكتاب لم يفقد عرشه بعد لصالح القراءة الإلكترونية والإنترنت.
انتظر القراء أمام المكتبات للرغبة في امتلاك نسخة من الكتاب قبل الآخرين؛ مما جعل الكثير من وسائل الإعلام تسلط الضوء على الكيفية التي حصل بها أوائل من نالوا نسخ الكتاب في بلادهم على نسخهم الخاصة، كما حرص بعض القراء على ارتداء الأزياء الشهيرة لأبطال مغامرات هاري بوتر؛ مما دفع بعض المكتبات الى تنظيم مسابقات حول أجمل الأزياء وأفضلها وغيرها من المسابقات التي يبرع فيها الغرب أكثر من غيره.
فلماذا هذه "الحمى البوترية"؟! ما هي دلالاتها؟ وما هو العقل المبدع الذي يقف وراء تأليف هذا العالم السحري؟! وهل يمكن في وقت من الأوقات أن نرى هاري بوتر عربيًّا أو قارئًا عربيًّا يقف بالساعات أمام مكتبة؛ انتظارًا لصدور مطبوعة ما؟!
رولينج والساحر الصغير
العقل الذي يقف وراء إبداع عالم هاري بوتر هو عقل الكاتبة البريطانية جوان رولينج، التي تبلغ عامها الـ42 في 31 يوليو الحالي، والتي تكتب تحت اسم "ج. ك. رولينج" لأسباب تتعلق برغبة شركة بلومزبري التي نشرت أولى أعمالها- قبل "هاري بوتر"- في أن تعطي اسمها رنينًا ذكوريًّا وقورًا لضمان جذب الآباء لشراء أعمالها الإبداعية لأطفالهم؛ حيث خشِي القائمون على الشركة ألا يشتري الآباء أعمال الكاتبة إذا عرفوا أنها أنثى، وبالتالي اختفت هوية الكاتبة وراء اسم "ج. ك. رولينج"، أي أن اسم كاثلين- الذي يرمز له حرف الكاف- غير موجود في أصل اسم الكاتبة ولكنها اعتبارات التسويق!!
وتقول الكاتبة إنها كانت موهوبةً منذ الصغر في مجال الكتابة، وكانت تحلم بكتابة قصص الأطفال، وبالفعل بدأت في الكتابة منذ الصغر، ونالت التشجيع من واحدة من عماتها؛ مما جعلها تستمر في الكتابة حتى أبدعت عالم هاري بوتر الذي قادها إلى عالم الشهرة والمال؛ حيث جمعت من الكتابة حوالي 545 مليون جنيه إسترليني، أي ما يوازي مليار دولار، وفق إحصاءات جريدة (صنداي تايمز) البريطانية؛ الأمر الذي يجعل رولينج الكاتبة الأولى التي تصل إلى عالم المليونيرات بل والمليارديرات من الكتابة!!
من هو هاري بوتر؟!
هذا عن الكاتبة فماذا عن هاري بوتر نفسه؟! بصفة عامة يتسم عالم هاري بوتر بكل ما يريده الأطفال، فهو عالم مليء بالأطفال مثلهم، وحافلٌ بالصراعات بينهم، بكل ما تحمله من رغبات طفولية، ونزعات انتقامية، كما أنه مليء بالمخلوقات السحرية، الشريرة منها والطيبة، وتجري في جنباته الكثير من الصراعات بين الخير والشر، تنتهي بانتصار الخير ممثلاً في هاري بوتر.
وهاري بوتر هو طفل فقد والديه في ظروف غامضة- على الأقل في البداية- وعمره عام واحد فقط، وتربَّى في منزل خالته وتُدعى بيتونيا وزوجها فيرنون ديرسلي، اللذين كانا يقسوان عليه كثيرًا بسبب كراهيتهما لما كان عليه والدا هاري بوتر، وهما جيمس وليلي بوتر؛ حيث كانا من السحَرة، إلا أن خالة الطفل لم تخبره بحقيقة الأمر، وظل حتى عامه الـ11 يعاني من قسوة خالته وزوجها وتفضيل ابنهما ددلي- الذي يمثل كل ما هو سيئ للأطفال من وقاحة وعدوانية- عليه، بصورة تثير أعصاب القارئ!!
وظلت الحال ببوتر هكذا حتى أتم عامه الـ11، وعندها بدأ السحرة يحاولون استعادته لكي يواصل طريق والديه في الحياة، وهنا عرف أنهما لقيا مصرعهما على يد ساحر شرير يُدعى لورد فولدمورت، وهو الاسم الذي لا يجب أن يذكره أحد، كما عرف بوتر أنه مشهور في عالم السحر منذ مولده، بعدما فشل فولدمورت في قتله، على الرغم من أن الساحر الشرير قتل الكثير من السحرة الأخيار.
وبعد شد وجذب ومعارضة من خالته وزوجها توجَّه هاري بوتر إلى مدرسة السحر واسمها هوجوورتس، وتنقسم إلى 4 بيوت، وهي: جريفندور، وهافلباف، ورافينكلو، وسليذيرين، وهناك يواجه بوتر مغامراته بصحبة أصدقاء له، وفي مقدمتهم مدير المدرسة ويُدعى دمبلدور أفضل ساحر على وجه الأرض، والوحيد القادر على التصدي لفولدمورت الساحر الشرير، بالإضافة إلى فتاة تُسمَّى هيرميون جرينجر وفتى يُدعى رون ويزلي، وكلاهما من زملائه الأطفال في مدرسة السحر.
وهناك العديد من العوامل التي أدَّت إلى نجاح سلسلة هاري بوتر، ومن بينها القدرة الإبداعية التي تميزت بها الكاتبة رولينج؛ حيث استطاعت صياغة عالم متكامل من الشخصيات الجذابة للأطفال والكبار على حدٍّ سواء، بالإضافة إلى عامل أهم آخر، وهو الفراغ الروحي الذي يعانيه المجتمع الغربي؛ حيث يعيش الغرب في حالة من الفراغ الروحي بسبب الانغماس في المادة التي تعد المحرك الرئيسي للحياة في العالم الغربي.
وتدفع حالة الفراغ الروحي تلك الكثير من الغرب إلى اللجوء للخرافات والتنجيم، وهو الأمر الذي بدأت رياحه تهب في العالم العربي بانتشار السحرة في القنوات الفضائية العربية!! ومن ملامح الفراغ الروحي أيضًا لجوء الكثير من الغرب إلى اعتناق ديانات أخرى لملء هذا الفراغ، ومن مظاهر ذلك لجوء بعض اليونانيين إلى إعادة إحياء الديانة اليونانية القديمة، وتقديم الطلبات للحكومة اليونانية لكي يتعبَّدوا في المعابد اليونانية الأثرية، كما كان يفعل أجدادهم الأقدمون.
سر النجاح
ما سبق كان عوامل مهمة أسهمت في إنجاح مغامرات "هاري بوتر"، إلا أن هناك عاملاً أكثر أهميةً من ذلك، وهو العامل الذي يأتي في ثنايا المغامرات على مستوى أعلى قليلاً من مستوى القراءة البسيطة التي لا تهتم إلا بالمغامرة كمغامرة للإمتاع فقط دون أية دلالات أخرى، فما هو هذا العامل؟!
تقول رولينج: إنها مسيحية مؤمنة، فهي عضو في كنيسة إسكتلندا، وبالتالي لا تؤمن بالسحر إلا أنها تقول "إذا عرف القارئ بمعتقداتي المسيحية فسوف يمكنه فهم ما يقرأه في تلك الكتب"، وهو ما يعني ربطًا صريحًا من الكاتبة لما كتبته بالدين المسيحي وبالأخص المذهب البروتستانتي، الذي تتبعه الكنيسة التي تنتمي إليها الكاتبة، ويتبدَّى هذا الربط في شخصية هاري بوتر نفسها، فيمكن القول بأن مدرسة هوجورتس تمثِّل نسلَ بني إسرائيل، الذي يضم أتباع العهد القديم المتمسكين به، وهم أتباع بيت سليذيرين الذي يرفض الاندماج بين السحرة والعامة، في إشارةٍ إلى رفض اليهود الاندماج بين اليهود وغيرهم، ويطلقون على الآخرين من غير اليهود اسم "الأغيار"، إلا أنها تضم أيضًا أتباع العهد الجديد، وهم المسيحيون، الذين يؤمنون بضرورة التعايش بين كل البشرية لا نسل بني إسرائيل فحسب.
أما هاري بوتر نفسه فهو يمثل أحد الأركان الرئيسية في فكر بني إسرائيل، وهو السحر، فهو أبرع السحرة، ويمكن القول بأنه يرمز إلى نبي الله عيسى عليه السلام من حيث نشأته التي عانى فيها من عنَت أهله، وهي المعاناة التي من المفترض وفق الكاتبة أنها تشبه معاناة الأنبياء فيما يرمز أصدقاؤه الذين يشاركونه في مختلف مغامراته إلى الحواريين الذين صاحبوا نبي الله عيسى عليه السلام.
كما يمثل بوتر قيم التسامح والتعايش؛ حيث يظهر تأييد بوتر للتعايش بين العامة والسحرة عندما يدافع عن صديقته هيرميون ضد أتباع بيت سليذيرين الذين يتهمونها على الدوام بأن "دمها قذر"، أي غير نقيّ؛ لأنه خليط من السحر والعامة، وإلى جانب ذلك فإن لبوتر العديد من الأمور الخارقة، ومن بينها الكلام بلغة الثعابين، مثلما حدث في مغامرته الثانية "هاري بوتر وحجرة الأسرار"؛ حيث أنقذ صديقًا له من إحدى الأفاعي عندما أمرها بعدم إيذائه، وهي اللغة التي لا يتحدث بها أيٌّ من الطلبة.
إذن، هذا الجانب الديني نجح كثيرًا في اجتذاب الكثير من المتدينين حول العالم لكي يقرأوا القصة ويتجاهلوا فكرة أنها تستند إلى السحر، أي أن الجانب السحري في الروايات اجتذب القرَّاء الذين يعانون من الفراغ الروحي ويستندون إلى الخرافات، بينما اجتذب الجانب الديني- الذي أقرت به الكاتبة- أولئك المتدينين الذين رأوا في روايات هاري بوتر ما يدعم الانتماء المسيحي لدى أطفالهم.
بوتر ضد الإنترنت!!
محور آخر يلفت الانتباه في مغامرات "هاري بوتر" وهو حجم الإقبال الكبير جدًّا والزائد عن الحد على اقتناء المغامرات، وهو الأمر الذي لم يقتصر على قارة دون أخرى أو على مستوى اجتماعي دون آخر، فالكل سعى إلى اقتناء مغامرات هاري بوتر، والكثيرون سعوا إلى أن يكونوا أول من اقتنى النسخ في بلاده!!
وقد دفع ذلك الهوس الكبير وسائل الإعلام إلى تتبُّع مَن هو أول مَن حاز النسخة، فكان على سبيل المثال مواطنًا عاديًّا وابنته في فنلندا، حصلوا على النسخة بسبب خطأ مِن موظف البيع بعدما باع النسخة مبكرًا عن الموعد المقرر لعدم معرفته بذلك الموعد، كما يتبدَّى الهوس أيضًا في إسبانيا التي تكالب القراء فيها على شراء النسخة، على الرغم من أنها بالإنجليزية وليست بالإسبانية؛ حيث من المتوقع أن تصدر النسخة الإسبانية بعد عام من الآن.
كل ذلك يوضح أن هاري بوتر أكد بكل الوسائل الممكنة أن الكتاب لا يزال يتصدر قائمة اهتمام القراء والمثقفين والراغبين في المعرفة حول العالم لا الإنترنت، بشرط أن تتوافر المادة الجذابة التي تضم ما يهم القارئ وما يجذبه إلى الكتاب، ولعل في هذه النقطة درسًا للعالم العربي يتلخَّص في أن الغرب الذي "اخترع" الإنترنت تجاهلها مؤقتًا لصالح الإبداع الورقي، بل إنه استغلَّ الإنترنت من أجل الترويج للكتاب الورقي بدلاً من النمط الفكري السائد في العالم العربي بضرورة التخلي عن القراءة والكتب الورقية؛ باعتبارها "موضةً قديمةً" في مواجهة الإنترنت ساحر العصر!!
ويقود ذلك إلى سؤال: هل توجد إمكانية لوجود هاري بوتر عربي؟! التجارب السابقة في الأدب العربي كثيرة ومن بينها سلسلة "اللغز" التي كانت تصدرها دار المعارف، ابتداءً من أواخر الستينيات، إلى جانب تجربة "روايات مصرية للجيب" المستمرة في الأسواق، إلا أنها تلك التجارب لم تكتمل أو تعرضت للعرقلة للعديد من العوامل، وفي مقدمتها ضعف المستوى الاقتصادي للشعوب العربية، الذي لا يتيح للقارئ أن يستمر في مواجهة ارتفاع أسعار الروايات المطرد، بالإضافة إلى الأكذوبة التي سرت في أوساط الشباب العربي بأن الإنترنت أنهت عصر الكتابة الورقية، وهي الأكذوبة التي هزمها ساحر صغير اسمه "هاري بوتر"!!
المصدر: إخوان أون لاين
Eng_metwaly- قربت كتير
- عدد الرسائل : 321
العمر : 35
الهوايه : حاجات كتير
تاريخ التسجيل : 01/08/2007
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
2010-11-19, 4:43 pm من طرف مشجع الزعيم
» جورج وعيد الأضحى
2010-11-19, 4:41 pm من طرف مشجع الزعيم
» إنما المؤمنون إخوة
2010-11-19, 4:39 pm من طرف مشجع الزعيم
» ذلك هو الفوز العظيم
2010-11-19, 4:36 pm من طرف مشجع الزعيم
» الكسل لايطعم العسل
2010-11-19, 4:33 pm من طرف مشجع الزعيم
» للاتصال 3000 دقيقه مجانا ولفترة محددة ادخل بسرعه
2009-10-09, 12:58 am من طرف مشجع الزعيم
» قوانين لن يسمح بتجاوزها
2009-10-09, 12:52 am من طرف مشجع الزعيم
» على السادة الاعضاء الدخول هنا فورا
2009-10-09, 12:46 am من طرف مشجع الزعيم
» من نحن
2009-10-06, 6:26 pm من طرف احمد صلاح
» شوفتو اللى حصل
2009-09-30, 9:21 pm من طرف بنت الاسلام
» الان ولفترة غير محدودة احجز مقعدك فى الجنة التذاكركتييير
2009-09-15, 9:51 pm من طرف moazhassan
» صحيت من النوم فجأة
2009-09-15, 9:22 pm من طرف moazhassan
» عايز فلوس على النت وتشترى اللى انت عايزية يبقى والله من هنا
2009-09-15, 9:15 pm من طرف moazhassan
» هل تعرف ماهى عقوبة الكذب عند النمل؟
2009-08-06, 11:23 am من طرف medo
» فيديو كليب سيطير النوم من عينك
2009-07-28, 12:35 pm من طرف moazhassan
» ملك لسنة واحدة فقط
2009-07-19, 1:08 am من طرف مشجع الزعيم
» مكتبة فديوهات لرائد التنميه البشريه الدكتور/ إبراهيم الفقي
2009-07-15, 1:19 pm من طرف muslema_99
» شعار الامتحانات
2009-04-29, 5:54 pm من طرف shmas_elasel
» ساكتة لسة!!!!!!!!
2009-04-29, 5:51 pm من طرف shmas_elasel
» صالات للجلوس............
2009-04-29, 5:46 pm من طرف shmas_elasel