المقامةُ الحَمَامِيزِيِّةُ

من طرف engmohamed 2007-09-16, 12:38 am

[url=]

[/url]

[url=]

بقلم: جمال عبد الغفار بدوي
حَدَّثَنَا حَمْزَةُ الثامنُ عشرَ قال:
ما زالَ تاريخُ بني الإنسانْ، يُسجِّلُ بالفخرِ للحماميزِ الشُّجعانْ، أنهمْ أوَّلُ منْ طوَّرَ المسْرحَ بعدَ الإغريقِ والرومانْ، وقفزَ في استخدامِ الطائراتِ والعبَّاراتْ، ولمْ يستثنِ- كذلكَ- عرباتِ السككِ الحديدِ والقاطِراتْ، واكتشفَ القُدْرَةَ الكامنَةَ في هذه الآلاتْ؛ إذْ بشرارةٍ واحدةٍ مِنَ النَّارْ، تَتَوَلَّدُ طاقةٌ جبَّارةٌ مِنَ القتلِ والخرابِ والدَّمارْ، دونما الحاجةِ إلى مفاعلاتٍ نوويةْ، أو موافقاتٍ مِنَ الأسرةِ الدوليَّةْ، أو السادةِ في المجموعةِ الأوروبيَّةْ.

وهذا ما جعلَ القريبَ والبعيدْ، يخشونَ بأسنَا الشديدْ، وقامت الدولُ بتدمير برامجِها النوويَّةْ، وتسابقتْ في بناءِ المفاعلاتِ الحماميزيَّةْ، التي يتمُّ فيها تخصيبُ العبَّاراتْ، واستثارةِ القاطراتْ، وانتهَى بذلك عهدُ العالمِ الباكستانيِّ عبد القدير خانْ، وازدهرَ حمزةُ التَّاسِعُ إشارجي المزلقانْ.

ولاستيعابِ هذهِ الإنجازاتِ الحضاريَّةْ، والاختراعاتِ المصيريَّةْ، لا بُدَّ أنْ نعودَ إلى أعماقِ التاريخِ البعيدْ، أيُّها القارئ الرشيدْ؛ حيثُ ظهرَ أوَّلُ أجدادِنا، الذي ورِثنا عنهُ عبقريَّتَنا وذكاءَنا، ولا ينسَى لهُ التاريخُ القديمْ، أنهُ صاحبُ الاختراعِ العظيمْ، حينَ انتشرتْ في الشوارعِ والمِمَرَّاتْ، نُتُوءاتٌ عجيبةٌ تُسمَّى المِطَبَّاتْ، فقالَ: إنَّ المرءَ إذَا جسْمُهُ تَوَرَّمْ، لا يجدُ لهُ بَلْسَمًا غيرَ المَرْهَمْ، وهكذا تَمَّ القضاءُ علَى المطبَّاتْ، بعدَ دِهانِها بالمراهمِ والكريماتْ.

ولا يُقَلِّلُ مِنْ فضْلِ جَدِّنا الكبيرْ، ما حدثَ بعدَ ذلكَ بوقتٍ قصيرْ؛ إذْ حدثتْ الاختناقاتُ في الطُّرقاتْ، وانتشرتْ الفوضَى في كلِّ الجهاتْ؛ لأنَّ القومَ كانوا قدْ تعوَّدُوا علَى المطباتْ، ولمْ تسْتَطِعْ سيَّاراتُهمْ السيرَ على الطُرقِ المُمَهَّدَةْ، ولا في الحاراتِ المُحَدَّدَةْ، فسارعُوا إلى إنشائِها إنشاءً، وأثرَى الكِبارُ من وراء ذلكَ إثراءً.

ولكنَّ الكرامةَ الكُبرَى لجَدِّنا، التي اتَّخذْنا منها اسمَنا ولقَبَنا، هو ذلك اليوم السعيدْ؛ حيثُ كان يسيرُ معَ والِدِهِ فإذا برجلٍ ينادِي على طفلٍ بعيدْ، ويقولُ: يا عبدَ اللهْ.. يا عبدَ اللهْ، فلمْ يلتفتْ إليهِ الغُلامْ، فأقبلَ عليهِ الرجلُ وأَلقَى السلامْ، ثُمَّ عاتَبَهُ على عدمِ المُبالاةْ، فقالَ الغُلامُ: كُلُّنا يا عمُّ عبيدُ اللهْ، فلمْ أعرفْ أتقصدُني أمْ تقصدُ غيري منْ خلقِ اللهْ.

فقال أبو جدنا لهُ: انظرْ إلى هذا الذكاءِ يا ولدي، وتعلَّمْ منهُ يا فَلْذَةِ كبدي، وبعد قليلٍ منَ الوقتْ، إذا برجلٍ ينادِي على طفلهِ في البيتْ، ويقولُ: يا حمزةْ.. يا حمزةْ؛ فإذا بجدِّنا حمزةْ يتركُ يدَ أبيهِ كأنَّ ثُعْبانًا لسعَهْ، ويجرِي بأقصَى سُرْعَةْ، ويطرقُ البابَ الذي خرجَ منهُ الصوتْ، وأخذَ يصيحُ: يا عمَّاهُ.. يا صاحبَ البيتْ، كُلُّنا حماميزُ اللهْ، فأيُّ حمزة تقصدُ مِنْ خلقِ اللهْ؟!
تَمَّتْ بِحَمْدِ اللهِ ومِنَّتِه

</SPAN>[/url]