توسعة المسعى....رؤية شرعية

بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد..
فلا يوجد مانع شرعي في التوسعة الجديدة للمسعى بل يوجد ما يؤيدها، فالشرع قام على التيسير لا التعسير، لقول الله عز وجل: " يُرِيدُ اللهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ "، وقوله سبحانه: " وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ "، وقوله عز وجل: " يُرِيدُ اللهُ أَن يُخَفِّفَ عَنْكُمْ "، وقول النبي عليه الصلاة والسلام: "إنما بعثتم ميسرين ولم تبعثوا معسرين"، "يسروا ولا تعسروا وبشروا ولا تنفروا"، وأوامر الدين وتوجيهاته القرآنية والنبوية تتيح لنا الفرصة لنأخذ بالتوسعات لمواجهة ازدياد أعداد الحجاج والمعتمرين في كل عام.



وقد حدد الشرع بداية السعي من الصفا وحدد نهايته بالمروة ولم يأت بتحديد ولا تقييد لعرض المسعى، لقوله تعالى: " إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِن شَعَائِرِ اللهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِ أَن يَطَّوَّفَ بِهِمَا "، فعرض المسعى متروك لحاجة المسلمين حسب عدد المعتمرين والحجاج، فليس هناك في الشرع تحديد للمسعى أن يكون متراً من هنا أو هناك، ليس هناك تحديد ولا تضييق والأمر فيه سعة، وقد تمت توسعة المسعى رأسيا عدة مرات بزيادة طوابق علوية، والآن لا مانع من توسعته عرضا، ومن الأفضل أخذ رأي المجامع الفقهية في هذا الأمر حتى يكون الرأي جماعيا.



وضيق المساحة المخصصة للطواف حول الكعبة لا تزال المشكلة الأكبر التي تواجه ضيوف الرحمن في ذروة أيام الحج وفي الليالي الأواخر من رمضان، وأقترح إيجاد حلول عملية تيسر للطائفين أداء مناسكهم، فكما تمت توسعة المسجد الحرام، أرجو أن يكتمل الأمر بزحزحة المقام من مكانه الحالي لأنه أيضاً يضيق على الطائفين.



وفي وقت من الأوقات كان العلماء متخوفين من نقل مقام إبراهيم من مكانه القديم ظنا منهم أن النقل إحداث في الدين يخالف سنة السلف رضوان الله عليهم، وهذا ليس من الإحداث في الدين؛ وإنما هو ضرورة وحاجه اقتضاها التزايد في أعداد المعتمرين والحجاج، فأعداد المعتمرين والحجاج التي تتزايد بالملايين كل عام تقتضي من أهل الفقه ومن أولى الأمر التيسير على الطائفين والعاكفين والركع السجود.



وأرحب بكل ما تقوم به السعودية من خطوات في سبيل التوسعة والتسهيل والتيسير على حجاج بيت الله الحرام، وأتمنى أن يوفق الله الفقهاء ليكونوا عند حسن ظن جمهور المسلمين بهم، وأدعو لولاة الأمر في المملكة بالتوفيق ليوسعوا على الناس كما وسع الله عليهم، وكلهم مأجورون من الله ومشكورون من الناس على ما قاموا به من توسعات في الحرمين الشريفين.



كما أدعو أهل العلم والفقه أن يؤيدوا أولي الأمر في المملكة العربية السعودية في كل خطوة تهدف إلى تيسير أداء المناسك على حجاج بيت الله الحرام والمعتمرين، فهذا من أعظم الأعمال التي يتقرب بها إلى الله عز وجل، وهذا ما شهدناه في السنين الأخيرة من توسيعات وتيسيرات، كان آخرها ما يتعلق برمي الجمرات، وما كان يقع فيه من زحام قتل فيه الحجاج بالمئات يداسون تحت الأقدام، فقد رحب العلماء وعموم المسلمين بالاجتهاد حول التوسعات في مرمى الجمرات وبما تم إنشاؤه من الجسور التي ساهمت في تخفيف شدة الزحام ومنعت سقوط الحجاج الذين كانوا يموتون ضحايا للرمي.



ولقد سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن أمور كثيرة تتعلق بالحج فكان جوابه: «أفعل ولا حرج»، ونحن نقول في هذه التوسعة: افعل يا خادم الحرمين الشريفين ولا حرج عليك فأنت تيسر على الأمة ولا تعسر وتبشر ولا تنفر وتعين على عبادة الله تبارك وتعالى.

والله أعلم