تحويل القبلة(الجزء الثانى) والاخير
2 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
تحويل القبلة(الجزء الثانى) والاخير
بسم الله الرحمن الرحيم
استكمالا لما سبق
6 ـ كم من الزمن صلى النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ بالمدينة إلى بيت المقدس؟
جاءت الروايات مختلفة في ذلك، وهي كلها ليست من كلام الرسول، بل من كلام الصحابة، فقيل ستة عشر شهرًا، وقيل سبعة عشر، وقد جاء ذلك في روايتين للبخاري ومسلم عن البراء بن عازب على ما سيأتي، وقيل تسعة عشر شهرا، وقيل بضعة عشر بدون تحديد لمقدار البضع، والاختلاف راجع إلى الخلاف في تعيين الشهر الذي حولت فيه القبلة، مقيسًا بشهر الهجرة إلى المدينة، وبحساب جملة من أيام الشهر شهرًا، أو بغير ذلك من الاعتبارات.
7 ـ في أي شهر وفي أي يوم حُوِّلت القبلة؟ هنالك أقوال :
أ ـ قيل إنها حُوِّلت في منتصف شهر رجب من السنة الثانية، وكان ذلك يوم الاثنين، وقد رواه أحمد عن ابن عباس بإسناد صحيح، قال الواقدي: وهذا أثبت، قال الحافظ: وهو الصحيح، وبه جزم الجمهور، وقاله ابن إسحاق.
ب ـ وقيل إن التحويل كان في شهر جمادي الآخرة، كما رواه الزُّهْري عن عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب بن مالك. قال أبو جعفر النحاس في كتابه "الناسخ والمنسوخ": وهو أَوْلاها بالصواب؛ لأن الذي قال به أَجَلُّ، ولأن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ قَدِمَ المدينة في شهر ربيع الأول، فإذا صُرِفَ آخر جمادى الآخرة إلى الكعبة صار ذلك ستة عشر شهرًا كما قال ابن عباس. وأيضًا إذا صلَّى إلى الكعبة في جمادى الآخرة فقد صلَّى إليها فيما بعدها.
جـ ـ وقيل في نصف شعبان وفي يوم الثلاثاء منه. قاله محمد بن حبيب، وجَزَمَ به في الروضة، وقاله الواقدي.
8 ـ ما هي الصلاة التي صلَّاها النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ بقبلتين. وما هي أول صلاة كاملة للقبلة الجديدة؟
كان النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ يزور أم بشر بن معرور بعد موت بشر، فلما حان وقت صلاة الظهر صلَّى بأصحابه ركعتين، ثم أمر بتحويل القبلة، فتحول في ركوع الركعة الثالثة، وسمَّي هذا المسجد مسجد القبلتين؛ لأن التحويل نزل فيه أولاً. وكان في بني سلِمة ـ بكسر اللام في شرح الزرقاني على المواهب، وضبطت في تفسير القرطبي بفتحها ـ وهي أول صلاة صلَّاها، وهو الأثبت كما قال الواقدي. وكانت هذا الصلاة هي الظهر على ما رواه النسائي من رواية أبي سعيد بن المعلى، وكذا عند الطبراني والبزار من حديث أنس. فهذا الحديث يدل على أن مكان التحويل هو مسجد بني سلمة "مسجد القبلتين" وأن الصلاة هي الظهر قال ابن سعد: صلَّى النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ركعتين من الظهر في مسجده النبوي بالمسلمين.
وقال بعضهم إن الصلاة هي العصر، مستدلين برواية البراء بن عازب في البخاري في كتاب الإيمان: أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ صلَّى أول صلاة صلاها صلاة العصر ـ أي متوجها إلى الكعبة. لكن هذا يدل على أنها صُلِّيت بقبلتين، والأقرب أنها بقبلة واحدة هي الكعبة، وكانت أول صلاة تامَّة بعد التحويل إلى الكعبة، ويبقى ادِّعاء أن صلاة الظهر هي التي أديت بقبلتين باقيًا دون معارض.
قال ابن حجر في كتاب الإيمان : التحقيق أن أول صلاة صلاها في بني سلمة لما مات بشر بن البراء بن معرور هي الظهر، وأول صلاة صلاها بالمسجد النبوي هي العصر.
9 ـ ما هي الصلاة التي صلَّاها المسلمون الذين لم يكونوا مع الرسول ـ بقبلتين، وأين كانت ؟
إن خبر التحويل وصل كل جماعة في مواعيد مختلفة، ولعل عددًا من الجماعات وقع منهم صلاة لقبلتين، قد تكون هي العصر وقد تكون غيرها .
ومن الثابت ما يلي :
1 ـ صلاة العصر كانت بقبلتين وكانت في بني حارثة، دليله حديث البراء بن عازب: صليت مع النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ إلى بيت المقدس ستة عشر شهرًا ـ وفي رواية له سبعة عشر شهرًا ـ حتى نزلت الآية التي في البقرة (وحيثُما كنتُم فَوَلُّوا وجوهَكُم شَطْرَهُ) فنزلت بعدما صلَّى النبي، فانطلق رجل من القوم فمرَّ بناس من الأنصار وهم يصلون، فحدثهم فَوَلَّوا وجوههم قبل البيت. رواه البخاري ومسلم.
وقوله : "بعدما صلَّى" فسَّره الشرَّاح بأنه دخل في الصلاة، لا أنه انتهى منها، وقالوا : إنها صلاة الظهر وقد صلَّى منها ركعتين. وقال بعضهم إنها صلاة العصر، كانت في مسجد بني سلمة. والرجل الذي نقل الخبر قيل: اسمه عبَّاد بن بشر بن قَيْظِي "القرطبي ـ سيقول السفهاء" كما رواه ابن منده وابن أبي خيثمة، وقيل : اسمه عَبَّاد بن نَهِيك.
والناس الذين أخبرهم هم بنو حارثة وكانوا يُصلُّون العصر. وعلى القوْل بأن الصلاة التي كان يصليها الرسول وحُوِّل فيها هي العصر يمكن أن يُنقل خبرها بسرعة إلى جماعة آخرين هم بنو حارثة ما زالوا في الصلاة، سواء أكان عبَّاد بن بشر ناقل الخبر صلَّى مع النبي ـ وهو الغالب ـ أم لم يصلِّ ورأى حاله فأبلغها إلى غيره.
2 ـ صلاة الفجر أو الصبح كانت بقبلتين، وكانت في "قباء" موطن بني عمرو بن عوف. وقد نُصَّ عليها في حديث ابن عمر: بينما الناس ـ بنو عمرو بن عوف ـ في صلاة الصبح بقُباء إذ جاءهم آتٍ فقال: إن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ قد أُنزل عليه الليلة، وقد أُمِرَ أن يَستقبل الكعبة، فاستقبلوها، وكانت وجوههم إلى الشام فاستداروا إلى الكعبة. رواه البخاري ومسلم. والشخص الذي أخبرهم قيل: هو رجل من بني سلمة كما يدل عليه حديث أنس الآتي وهو الأصح، واسمه عبَّاد كما تقدم.
يقول أنس ـ رضي الله عنه ـ: كان رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ يُصلِّي نحو بيت المقدس فنزلت: (قدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السماءِ ...) فمرَّ رجل من بني سلمة وهم ركوع في الفجر وقد صلوا ركعة فنادى: ألا إن القبلة قد حُوِّلت، فمالوا كما هم نحو القبلة. رواه مسلم غير أن رواية أنس لا تدل على أن هؤلاء كانوا في قباء.
3 ـ صلاة الظهر: فقد ذكر أبو عمرو في "التمهيد" عن نويلة بنت أسلم ـ وكانت من المبايعات ـ قالت : كنا في صلاة الظهر فأقبل عبَّاد ابن بشر بن قيظي فقال: إن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ قد استقبل القبلة، أو قال : البيت الحرام، فتَحَوَّل الرجال مكان النساء وتَحَوَّلَ النساء مكان الرجال.
هذا، ولم يُسمَّ مسجد قُباء ولا مسجد بني حارثة بمسجد القبلتين؛ لأن مسجد بني سلمة هو الذي نزلت فيه أولًا آية التحويل، وصُلِّيت فيه صلاة إلى وجهتين كان النبي إمامًا فيها.
10 ـ حكمة جعْل القبلة إلى الشام في المدينة فيها آراء :
أ ـ رأي يقول : إن ذلك تكريم من الله للنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ، ليجمع له بين القبلتين، كما عدَّه السيوطي من خصائصه التي تَمَيَّز بها على الأنبياء والمرسلين، وتظهر هذه الحكمة إذا كان استقبال الشام بوحي وهو الظاهر.
ب ـ ورأي يقول : كان التوجه تأليفًا لليهود، كما قاله أبو العالية، وقد يكون ذلك مُرادًا لله بالوحي أو مرادًا للنبي باجتهاد على الخلاف في ذلك .
جـ ـ ورأي يقول : إن فيه تنبيهًا للرسول على أن المسجد الأقصى له منزلته وقداسته، فلا بُدَّ من الحفاظ على هذه المنزلة والقداسة له .
11 ـ حكمة تحويل القبلة في المدينة من الشام إلى مكة فيها وجهات نظر :
أ ـ امتحان المؤمنين الصادقين وتمييزهم عن غيرهم، كما قال سبحانه (ومَا جعلْنَا القبلةَ التي كنتَ عليهَا إلَّا لنعلَمَ مَن يتَّبعُ الرسولَ ممَّن ينقلبُ علَى عَقِبيهِ، وإنْ كانتْ لكبيرةً إلَّا علَى الذينَ هَدَى اللهُ) (سورة البقرة : 143) كما قاله ابن عباس.
ب ـ تنبيه للرسول على عدم طمعه في إيمان اليهود.
جـ ـ العودة بالدعوة إلى أصلها، وهو عالميتها القائمة على قواعد إبراهيم، دون تمييز بين أبناء إسحاق "اليهود" وأبناء إسماعيل "العرب" (مَا كانَ إبراهيمُ يهوديًّا ولا نصرانيًّا ولكنْ كانَ حنيفًا مُسلمًا وما كانَ مِن المشركِينَ) (سورة آل عمران : 67) .
د ـ الإيحاء بأن مكة لا بُدَّ أن تعود إلى الإسلام، ففيها قبلة المسلمين، وأن يجاهد أهلها حتى يخضع البيت للمسلمين، وبشارة بنصر الرسول على قريش واستخلاص البيت منهم، لتطهيره من الأصنام وجعل الدين خالصًا لله.
هذا، ومن الحكمة العامة لتحديد قبلة الصلاة تجميع أهل الدين وتوحيد اتجاههم ومشاعرهم وتقوية الرابطة بينهم .
ومن الأحكام التي تتصل بالقبلة :
أ ـ أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ نهى عن الانصراف عن التوجه إليها في الدعاء، فقد روى البخاري ومسلم عن أنس أن النبي قال: "ما بال أقوام يرفعون أبصارهم إلى السماء في صلاتهم" فاشتد قوله في ذلك حتى قال: "لينتهن عن ذلك أو لتخطفن أبصارهم" ورواه مسلم عن أبي هريرة بلفظ "ليَنتهِينَّ أقوام عن رفع أبصارهم إلى السماء عند الدعاء في الصلاة أو لتُخطفَن أبصارهم" .
ب ـ عدم بَصْق المصلي أمامه، فقد ورد عن ابن عمر : بينما رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ يخطب يومًا إذ رأى نُخَامة في قبلة المسجد، فتغيظ على الناس ثم حكَّها، قال : وأحسبه قال: فدعا بزعفران فلُطِّخت به وقال: "إن الله عز وجل قِبَلَ وجه أحدكم إذا صلَّى، فلا يبصق بين يديه" رواه البخاري ومسلم .
والله أعلم .
استكمالا لما سبق
6 ـ كم من الزمن صلى النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ بالمدينة إلى بيت المقدس؟
جاءت الروايات مختلفة في ذلك، وهي كلها ليست من كلام الرسول، بل من كلام الصحابة، فقيل ستة عشر شهرًا، وقيل سبعة عشر، وقد جاء ذلك في روايتين للبخاري ومسلم عن البراء بن عازب على ما سيأتي، وقيل تسعة عشر شهرا، وقيل بضعة عشر بدون تحديد لمقدار البضع، والاختلاف راجع إلى الخلاف في تعيين الشهر الذي حولت فيه القبلة، مقيسًا بشهر الهجرة إلى المدينة، وبحساب جملة من أيام الشهر شهرًا، أو بغير ذلك من الاعتبارات.
7 ـ في أي شهر وفي أي يوم حُوِّلت القبلة؟ هنالك أقوال :
أ ـ قيل إنها حُوِّلت في منتصف شهر رجب من السنة الثانية، وكان ذلك يوم الاثنين، وقد رواه أحمد عن ابن عباس بإسناد صحيح، قال الواقدي: وهذا أثبت، قال الحافظ: وهو الصحيح، وبه جزم الجمهور، وقاله ابن إسحاق.
ب ـ وقيل إن التحويل كان في شهر جمادي الآخرة، كما رواه الزُّهْري عن عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب بن مالك. قال أبو جعفر النحاس في كتابه "الناسخ والمنسوخ": وهو أَوْلاها بالصواب؛ لأن الذي قال به أَجَلُّ، ولأن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ قَدِمَ المدينة في شهر ربيع الأول، فإذا صُرِفَ آخر جمادى الآخرة إلى الكعبة صار ذلك ستة عشر شهرًا كما قال ابن عباس. وأيضًا إذا صلَّى إلى الكعبة في جمادى الآخرة فقد صلَّى إليها فيما بعدها.
جـ ـ وقيل في نصف شعبان وفي يوم الثلاثاء منه. قاله محمد بن حبيب، وجَزَمَ به في الروضة، وقاله الواقدي.
8 ـ ما هي الصلاة التي صلَّاها النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ بقبلتين. وما هي أول صلاة كاملة للقبلة الجديدة؟
كان النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ يزور أم بشر بن معرور بعد موت بشر، فلما حان وقت صلاة الظهر صلَّى بأصحابه ركعتين، ثم أمر بتحويل القبلة، فتحول في ركوع الركعة الثالثة، وسمَّي هذا المسجد مسجد القبلتين؛ لأن التحويل نزل فيه أولاً. وكان في بني سلِمة ـ بكسر اللام في شرح الزرقاني على المواهب، وضبطت في تفسير القرطبي بفتحها ـ وهي أول صلاة صلَّاها، وهو الأثبت كما قال الواقدي. وكانت هذا الصلاة هي الظهر على ما رواه النسائي من رواية أبي سعيد بن المعلى، وكذا عند الطبراني والبزار من حديث أنس. فهذا الحديث يدل على أن مكان التحويل هو مسجد بني سلمة "مسجد القبلتين" وأن الصلاة هي الظهر قال ابن سعد: صلَّى النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ركعتين من الظهر في مسجده النبوي بالمسلمين.
وقال بعضهم إن الصلاة هي العصر، مستدلين برواية البراء بن عازب في البخاري في كتاب الإيمان: أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ صلَّى أول صلاة صلاها صلاة العصر ـ أي متوجها إلى الكعبة. لكن هذا يدل على أنها صُلِّيت بقبلتين، والأقرب أنها بقبلة واحدة هي الكعبة، وكانت أول صلاة تامَّة بعد التحويل إلى الكعبة، ويبقى ادِّعاء أن صلاة الظهر هي التي أديت بقبلتين باقيًا دون معارض.
قال ابن حجر في كتاب الإيمان : التحقيق أن أول صلاة صلاها في بني سلمة لما مات بشر بن البراء بن معرور هي الظهر، وأول صلاة صلاها بالمسجد النبوي هي العصر.
9 ـ ما هي الصلاة التي صلَّاها المسلمون الذين لم يكونوا مع الرسول ـ بقبلتين، وأين كانت ؟
إن خبر التحويل وصل كل جماعة في مواعيد مختلفة، ولعل عددًا من الجماعات وقع منهم صلاة لقبلتين، قد تكون هي العصر وقد تكون غيرها .
ومن الثابت ما يلي :
1 ـ صلاة العصر كانت بقبلتين وكانت في بني حارثة، دليله حديث البراء بن عازب: صليت مع النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ إلى بيت المقدس ستة عشر شهرًا ـ وفي رواية له سبعة عشر شهرًا ـ حتى نزلت الآية التي في البقرة (وحيثُما كنتُم فَوَلُّوا وجوهَكُم شَطْرَهُ) فنزلت بعدما صلَّى النبي، فانطلق رجل من القوم فمرَّ بناس من الأنصار وهم يصلون، فحدثهم فَوَلَّوا وجوههم قبل البيت. رواه البخاري ومسلم.
وقوله : "بعدما صلَّى" فسَّره الشرَّاح بأنه دخل في الصلاة، لا أنه انتهى منها، وقالوا : إنها صلاة الظهر وقد صلَّى منها ركعتين. وقال بعضهم إنها صلاة العصر، كانت في مسجد بني سلمة. والرجل الذي نقل الخبر قيل: اسمه عبَّاد بن بشر بن قَيْظِي "القرطبي ـ سيقول السفهاء" كما رواه ابن منده وابن أبي خيثمة، وقيل : اسمه عَبَّاد بن نَهِيك.
والناس الذين أخبرهم هم بنو حارثة وكانوا يُصلُّون العصر. وعلى القوْل بأن الصلاة التي كان يصليها الرسول وحُوِّل فيها هي العصر يمكن أن يُنقل خبرها بسرعة إلى جماعة آخرين هم بنو حارثة ما زالوا في الصلاة، سواء أكان عبَّاد بن بشر ناقل الخبر صلَّى مع النبي ـ وهو الغالب ـ أم لم يصلِّ ورأى حاله فأبلغها إلى غيره.
2 ـ صلاة الفجر أو الصبح كانت بقبلتين، وكانت في "قباء" موطن بني عمرو بن عوف. وقد نُصَّ عليها في حديث ابن عمر: بينما الناس ـ بنو عمرو بن عوف ـ في صلاة الصبح بقُباء إذ جاءهم آتٍ فقال: إن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ قد أُنزل عليه الليلة، وقد أُمِرَ أن يَستقبل الكعبة، فاستقبلوها، وكانت وجوههم إلى الشام فاستداروا إلى الكعبة. رواه البخاري ومسلم. والشخص الذي أخبرهم قيل: هو رجل من بني سلمة كما يدل عليه حديث أنس الآتي وهو الأصح، واسمه عبَّاد كما تقدم.
يقول أنس ـ رضي الله عنه ـ: كان رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ يُصلِّي نحو بيت المقدس فنزلت: (قدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السماءِ ...) فمرَّ رجل من بني سلمة وهم ركوع في الفجر وقد صلوا ركعة فنادى: ألا إن القبلة قد حُوِّلت، فمالوا كما هم نحو القبلة. رواه مسلم غير أن رواية أنس لا تدل على أن هؤلاء كانوا في قباء.
3 ـ صلاة الظهر: فقد ذكر أبو عمرو في "التمهيد" عن نويلة بنت أسلم ـ وكانت من المبايعات ـ قالت : كنا في صلاة الظهر فأقبل عبَّاد ابن بشر بن قيظي فقال: إن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ قد استقبل القبلة، أو قال : البيت الحرام، فتَحَوَّل الرجال مكان النساء وتَحَوَّلَ النساء مكان الرجال.
هذا، ولم يُسمَّ مسجد قُباء ولا مسجد بني حارثة بمسجد القبلتين؛ لأن مسجد بني سلمة هو الذي نزلت فيه أولًا آية التحويل، وصُلِّيت فيه صلاة إلى وجهتين كان النبي إمامًا فيها.
10 ـ حكمة جعْل القبلة إلى الشام في المدينة فيها آراء :
أ ـ رأي يقول : إن ذلك تكريم من الله للنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ، ليجمع له بين القبلتين، كما عدَّه السيوطي من خصائصه التي تَمَيَّز بها على الأنبياء والمرسلين، وتظهر هذه الحكمة إذا كان استقبال الشام بوحي وهو الظاهر.
ب ـ ورأي يقول : كان التوجه تأليفًا لليهود، كما قاله أبو العالية، وقد يكون ذلك مُرادًا لله بالوحي أو مرادًا للنبي باجتهاد على الخلاف في ذلك .
جـ ـ ورأي يقول : إن فيه تنبيهًا للرسول على أن المسجد الأقصى له منزلته وقداسته، فلا بُدَّ من الحفاظ على هذه المنزلة والقداسة له .
11 ـ حكمة تحويل القبلة في المدينة من الشام إلى مكة فيها وجهات نظر :
أ ـ امتحان المؤمنين الصادقين وتمييزهم عن غيرهم، كما قال سبحانه (ومَا جعلْنَا القبلةَ التي كنتَ عليهَا إلَّا لنعلَمَ مَن يتَّبعُ الرسولَ ممَّن ينقلبُ علَى عَقِبيهِ، وإنْ كانتْ لكبيرةً إلَّا علَى الذينَ هَدَى اللهُ) (سورة البقرة : 143) كما قاله ابن عباس.
ب ـ تنبيه للرسول على عدم طمعه في إيمان اليهود.
جـ ـ العودة بالدعوة إلى أصلها، وهو عالميتها القائمة على قواعد إبراهيم، دون تمييز بين أبناء إسحاق "اليهود" وأبناء إسماعيل "العرب" (مَا كانَ إبراهيمُ يهوديًّا ولا نصرانيًّا ولكنْ كانَ حنيفًا مُسلمًا وما كانَ مِن المشركِينَ) (سورة آل عمران : 67) .
د ـ الإيحاء بأن مكة لا بُدَّ أن تعود إلى الإسلام، ففيها قبلة المسلمين، وأن يجاهد أهلها حتى يخضع البيت للمسلمين، وبشارة بنصر الرسول على قريش واستخلاص البيت منهم، لتطهيره من الأصنام وجعل الدين خالصًا لله.
هذا، ومن الحكمة العامة لتحديد قبلة الصلاة تجميع أهل الدين وتوحيد اتجاههم ومشاعرهم وتقوية الرابطة بينهم .
ومن الأحكام التي تتصل بالقبلة :
أ ـ أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ نهى عن الانصراف عن التوجه إليها في الدعاء، فقد روى البخاري ومسلم عن أنس أن النبي قال: "ما بال أقوام يرفعون أبصارهم إلى السماء في صلاتهم" فاشتد قوله في ذلك حتى قال: "لينتهن عن ذلك أو لتخطفن أبصارهم" ورواه مسلم عن أبي هريرة بلفظ "ليَنتهِينَّ أقوام عن رفع أبصارهم إلى السماء عند الدعاء في الصلاة أو لتُخطفَن أبصارهم" .
ب ـ عدم بَصْق المصلي أمامه، فقد ورد عن ابن عمر : بينما رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ يخطب يومًا إذ رأى نُخَامة في قبلة المسجد، فتغيظ على الناس ثم حكَّها، قال : وأحسبه قال: فدعا بزعفران فلُطِّخت به وقال: "إن الله عز وجل قِبَلَ وجه أحدكم إذا صلَّى، فلا يبصق بين يديه" رواه البخاري ومسلم .
والله أعلم .
ceena6060- كله يوسعله
- عدد الرسائل : 138
العمر : 32
الهوايه : Internet
تاريخ التسجيل : 07/08/2008
رد: تحويل القبلة(الجزء الثانى) والاخير
فعلا زى ما قلتلك قبل كده
موضوع رووعة
وربنا يجعله فى ميزان حسناتك
انه ولى ذلك والقلدر عليه
وجزاك الله خيرا
موضوع رووعة
وربنا يجعله فى ميزان حسناتك
انه ولى ذلك والقلدر عليه
وجزاك الله خيرا
medo- المسؤول الإعلامى
- عدد الرسائل : 73
العمر : 37
الهوايه : سماع القران الكريم والكمبيوتر والنت
تاريخ التسجيل : 20/03/2008
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
2010-11-19, 4:43 pm من طرف مشجع الزعيم
» جورج وعيد الأضحى
2010-11-19, 4:41 pm من طرف مشجع الزعيم
» إنما المؤمنون إخوة
2010-11-19, 4:39 pm من طرف مشجع الزعيم
» ذلك هو الفوز العظيم
2010-11-19, 4:36 pm من طرف مشجع الزعيم
» الكسل لايطعم العسل
2010-11-19, 4:33 pm من طرف مشجع الزعيم
» للاتصال 3000 دقيقه مجانا ولفترة محددة ادخل بسرعه
2009-10-09, 12:58 am من طرف مشجع الزعيم
» قوانين لن يسمح بتجاوزها
2009-10-09, 12:52 am من طرف مشجع الزعيم
» على السادة الاعضاء الدخول هنا فورا
2009-10-09, 12:46 am من طرف مشجع الزعيم
» من نحن
2009-10-06, 6:26 pm من طرف احمد صلاح
» شوفتو اللى حصل
2009-09-30, 9:21 pm من طرف بنت الاسلام
» الان ولفترة غير محدودة احجز مقعدك فى الجنة التذاكركتييير
2009-09-15, 9:51 pm من طرف moazhassan
» صحيت من النوم فجأة
2009-09-15, 9:22 pm من طرف moazhassan
» عايز فلوس على النت وتشترى اللى انت عايزية يبقى والله من هنا
2009-09-15, 9:15 pm من طرف moazhassan
» هل تعرف ماهى عقوبة الكذب عند النمل؟
2009-08-06, 11:23 am من طرف medo
» فيديو كليب سيطير النوم من عينك
2009-07-28, 12:35 pm من طرف moazhassan
» ملك لسنة واحدة فقط
2009-07-19, 1:08 am من طرف مشجع الزعيم
» مكتبة فديوهات لرائد التنميه البشريه الدكتور/ إبراهيم الفقي
2009-07-15, 1:19 pm من طرف muslema_99
» شعار الامتحانات
2009-04-29, 5:54 pm من طرف shmas_elasel
» ساكتة لسة!!!!!!!!
2009-04-29, 5:51 pm من طرف shmas_elasel
» صالات للجلوس............
2009-04-29, 5:46 pm من طرف shmas_elasel