حسن الخلق ، الخلق الغائب ( قصة واقعية )

الحمد لله وكفى وسلاما على عباده الذين اصطفى لاسيما عبده المصطفى صلى الله عليه وسلم
أما بعد
فمع إطلاق شعار التربية والتصفية للعودة بهذا الدين لما كان عليه سلف الأمة ، اهتم كثير من الناس إلا من رحم الله بالتصفية واهملوا جانب التربية حتى عاد الأمر عليهم وعلى من حولهم بالوبال وضر هذا الدعوة أكثر مما نفعها
فرأينا التجريح والرمى بالبدع والغلظة على الناس والشدة فى مواطن غير مواطنها
ويستدل كثير بالشدة على أهل البدع ونسى هؤلاء أن الأصل الرحمة والتراحم وإنما الشدة فى أمور تكون الشدة فيها رحمة فى مقياس الحكمة
إن ديننا اهتم بحسن الخلق أيما اهتمام والأحاديث فى فضله عظيمة كثيرة منها ..

175946 - سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن البر والإثم ؟ فقال " البر حسن الخلق . والإثم ما حاك في صدرك ، وكرهت أن يطلع عليه الناس " .
الراوي: النواس بن سمعان الكلابي - خلاصة الدرجة: صحيح - المحدث: مسلم - المصدر: المسند الصحيح

a
195036 - ما من شيء في الميزان أفضل من حسن الخلق
الراوي: أبو الدرداء - خلاصة الدرجة: صحيح - المحدث: ابن دقيق العيد - المصدر: الاقتراح


111123 - إن المؤمن ليدرك بحسن خلقه درجة الصائم القائم
الراوي: عائشة - خلاصة الدرجة: صحيح - المحدث: الألباني - المصدر: صحيح أبي داود


64545 - إنما بعثت لأتمم مكارم و في رواية ( صالح ) الأخلاق
الراوي: أبو هريرة - خلاصة الدرجة: صحيح - المحدث: الألباني - المصدر: السلسلة الصحيحة

فانظر يرعاك الله كيف أن حسن الخلق أفضل ما يوضع فى الميزان وكيف أن صاحبه يبلغ به منزلة الصائم القائم ، وكيف لا وكل الناس تحبه وتدعوا له وتتأثر به ؟ ويأتى يوم القيامة بحسناته كما هى لا ينقص منها شىء على عكس المفلس الذى اتعب نفسه فى الحياة ولسوء خلقه ضيع أفعاله فكأنما اشتغل للآخرين لا له ، ذلك هو الخسران المبين
بل انظر كيف اختصر النبى دعوته فى قوله إنما .. وجعل الغاية هى الوصول بالناس لحسن الخلق..
وحسن الخلق يكون أول ما يكون مع رب العالمين قبل المخلوقين فتطيع أمره وتجتنب نهيه ، فأى خلق أسوأ من أن تعصى من خلقك ورزقك وفى أحسن صورة ركبك ؟!

إن الرحمة بالناس والعطف عليهم ومعاملتهم بالحسنى يحببهم فى دين الله ويدفعهم إليه دفعا
فليس إقامة الحجة هى الغاية فحسب فلقد من الله علينا بإن بعث لنا رسول بالمؤمنين رؤوف رحيم واخبره أنه لو كان فظا غليظ القلب لانفضوا من حوله ،وهو بأبى هو وأمى صلى الله عليه وسلم لا ينطق إلا حقا ، ولكن الحق إن لم يزين بالأدب والحلم وحسن الخلق ضاع وبغضه الناس خاصة مع ثقل الحق على النفوس

وهذه قصة واقعية حدثت منذ أيام قلائل أعرف أنا ( محب ) أشخاصها معرفة شخصية
القصة أن هناك رجلين من أصحاب رتبة كبيرة فى القوات المسلحة ولكنهم بفضل الله محافظين على الصلاة على الأقل
أحدهما كانت زوجته تمرر عليه عيشته كل يوم تأتيه بطلبات ، تريد سيارة موبايل اشتراك فى مختلف النوادى ملابس جديدة هكذا دوما ... وهو لا يؤخر له طلبا ولكن كثيرا من الخناقات والمشاكل بسبب هذه الأمور وكان يشكو لصحابه
ابتعد الرجلين عن بعض لزمن ثم لما التقيا سأله عن زوجته
قال له سبحان مغير الأحوال ...
قال من شهر سكن أمامنا عائلة أزهرية ، قال ماشاء الله قمة فى الأدب الباب يغلق بحساب الحركة بحساب الشكل ماشاء الله ثياب نظيفة الأولاد ملتحون ، البنات منتقبات فكانوا بركة علينا
تعرفت زوجة الرجل الأزهرى على زوجتى وأخذتها معها فى دروس ، بعد فترة وجدت زوجتى تترك لى مفتاح السيارة والموبايل تقول لم أعد احتاج إليهما ، تبرنى جدا وتسترضينى كل فترة وتطلب أن اسامحها على ما كان منها قبل ذلك ، أصبحت لا تطلب منى شىء أبدا

يقول اصبحت فى سعادة كبيرة ، ثم نصح صاحبه أن يُذهب زوجته وأولاده إلى حيث ذهبت زوجته
هكذا قالها له ( خلى مراتك تروح معاها هتلاقى تغير شامل ..)


الفوائد من القصة كثيرة جدا وقد طال الموضوع
لكن انظر كيف فعل حسن الخلق ، وكيف فعلت الدعوة ، فحسن الخلق هو مفتاح القلب والدعوة هى الخطوة التى تليها
بل انظر وهذه أهم نقطة
كيف أن الرجل أحب الالتزام وينصح صاحبه بأن يُذهب زوجته إلى الدروس وإلى المسجد ، كأنه يقول منها ( من المسجد ) تتغير الحياة إلى سعادة ما بعدها سعادة
كان من الممكن أن تأتى هذه المرأة بعد التزامها وتبدأ أول ما تبدأ حلق اللحية حرام ، وأنت ازاى رجل وبتحلق لحيتك ،سماع الأغانى حرام وكذا وكذا وتظل الخناقات ولكن بدلا من كونها على الدنيا تبقى باسم الدين ، ويكره الرجل الدين ويكره جيرانه الأزاهرة الذين كانوا سببا فى التزام زوجته
لكن سبحان الله بحسن خلقها انتهى الأمر فى أيام


اذكر نصيحة أخيرة للشيخ يعقوب حفظه الله فى أحدى اشرطته
قال لو أن الولد رجع إلى بيته أول ما التزم فوجد والده يتفرج على التلفاز أو أخاه يسمع الاغانى او كذا او كذا فقال حرام وعلا صوته وسبب مشاكل وخناقات ، لسبه أباه وسب المشايخ والمساجد وبغض الالتزام واهله

ولكنه إن رجع يوم رجع فدخل على غرفته لكلى لا يشارك فى منكر ثم مع الصباح قام مبكرا فكوى ثياب أبيه ثم ايقظ اباه وقبل يده ،إذا دخل الحمام ( الخلاء ) ينتظر بالخارج بالمنشفة ( الفوطه )
ويجلس معه على الطعام فإذا رأى أباه يحرك وجهه باحثا عن شىء يجرى فيحضر الماء ، مرة أخرى يجرى فيحضر ملحا وهكذا
ساعتها سيقول الأب لإخوته شوفوا أخوكم بيروح فين وروحوا معاه ...

إننا نحتاج لأن نضحى براحتنا لأجل نشر هذا الدين
إن حسن الخلق يعنى أنك ستتحمل الأذى بل تحسن لمن يسىء وستكلف نفسك من الأعمال مالم تكن تفعلها قبل التزامك ككى الثياب وغير ذلك من بر الوالدين
ولكنه الطريق الصحيح لنشر الدين
ولكن إن أردت الراحة وطاعة هوى نفسك باسم الدين أيضا فبإمكانك بكل سهولة أن تمشى وتحكم على الناس وتظل تقول هذا حرام هذا لا يجوز هذا كذا هذا كذا وتسىء إلى والديك باسم الدين لأنك يسهل عليك الكلام ويصعب عليك الفعل
ولكن وقتها ستكون دعىّ لا داعية هادم لا مصلح ،تكره الناس فى دين رب العالمين باسم الدين
فانظر أى الرجلين تحب أن تكون واسلك نهجه ....

أعتذر للإطالة ولكن الموضوع الحاجة إليه ماسة فى أيامنا هذه

نسأل الله أن يرزقنا حسن الخلق ويجعلنا قدوة للناس ويغفر لنا تقصيرنا آمين


منقووووول