فهمي هويدي يكتب عن ابو تريكة
2 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
فهمي هويدي يكتب عن ابو تريكة
تحت عنوان : شكرا "أبو تريكة" .. !!
كتب الأستاذ فهمي هويدي
حببني أبو تريكة في كرة القدم، ورغم علاقتي التي توترت حينًا، وانقطعت في حين آخر، ففي المرات التي أتيح لي أن أتابعه فيها كنت أجده لاعبًا ماهرًا ينزل إلى الملعب وكأنه مقدم على نزهةٍ وليس معركةً، ويتعامل مع الكرة باعتباره صديقًا لها وليس لاعبًا بها، وأحيانًا كنت أجده فنانًا يُغازل الكرةَ ويغزل بها، في حين يبدو غيره، وكأنهم شلة فتوات سلَّطهم مدربهم على الفريق الآخر ..
لم أعرفه ولم ألتقه يومًا ما، وكان ما سمعته عنه يزكيه دائمًا ويصوره بحسبانه إنسانًا متواضعًا ومستقيمًا، ذا أدبٍ جم وخُلق رفيع؛ لكن كل ذلك كله في كفة، وما فعله في مباراة الفريق القومي ضد فريق السودان في كفةٍ أخرى؛ حيث اكتشفت له وجهًا آخر أصيلاً ومضيئًا، فحين انتهز فرصة تسديدة لهدفه، وفي لحظة تسليط الأضواء، والعدسات عليه بعد الإنجاز الذي حققه، فإنه كشف عن قميصه الداخلي الذي كُتبت عليها بالإنجليزية والعربية عبارة "تعاطفًا مع غزة"، واعتبرت أن الرسالةَ التي وجهها في تلك اللحظة كانت هدفًا آخر ثمينًا للغاية، أحدث صدمةً كهربائيةً للملايين الذين كانوا يتابعون المباراة ذكَّرتهم بأن ثمةَ حدثًا جللاً وكارثةً إنسانيةً، وقعت في غزة، تستحق من كلِّ إنسانٍ شريفٍ أن يتضامن مع ضحايا في محنتهم.
فوجئتُ بالتصرف وأكبرته، إذْ لم يخطر على بالي أن ينشغل نجمٌ كبيرٌ في عالمِ الرياضة بهم سياسي في حجم القضية الفلسطينية، واستغربتُ أن ينزل صاحبنا إلى الملعب، وهو مشغولٌ ليس فقط بتسديد الأهداف، ولكن أيضًا بلفتِ الأنظار إلى الجريمة التي شهدتها غزة، داعيًا الجميع إلى التضامن معها، وأدهشني ما قرأتُه عن أنه لجأ إلى المترجمين المصاحبين للفريق القومي لكي يكتب له عبارة التضامن بالإنجليزية، ثم بحث وهو في غانا عن جهةٍ تتولى طبعها على قميصه الداخلي، لكي يرفع اللافتة أثناء المباراة، وازداد إكباري له حين قرأتُ أنه عرَّض نفسه للمحاسبة، وربما الإيقاف حين رفع شعارًا سياسيًّا أثناء اللعب، وهو ما تحظره قوانين الفيفا.
استسخفتُ الشائعات التي أطلقها البعض، ونسبت إليه انضمامه إلى الإخوان المسلمين التي تعد في خطاب الإعلام والسياسة في مصر نجاسة سياسية ينبغي أن يتطهر منها المواطن الصالح، وقلتُ على الفور: هذا مواطن مصري أصيل، ابن شرعي لبلده وأمته، لم تمح ذاكرته ولم يشوه إدراكه، ولم تُفسده الأضواء ولا الشهرة؛ ولأن ضميره ظل حيًّا ونقيًّا، فإنه لم ينسَ انتماءه ولا قضية أمته، فأعلن موقفه على الملأ بمنتهى الشجاعة والهدوء، وهو بهذه المواصفات يُقدِّم نموذجًا يستحق الاحترام والتقدير.
لقد أعادني أبو تريكة بأدائه وموقفه إلى مقاعد مشاهدي كرة القدم، حتى ضربتُ صفحًا عن ذكرياتي القديمة معها، حين كنا، ونحن تلاميذ في الابتدائية نلاعب فريقًا من أبناء المنطقة التي نسكنها بحلوان، وقفزت لأضرب الكرة برأسي فإذا بي اصطدم برأس لاعب في الفريق الآخر وتشج رأسانا، فنسقط وقد كست الدماء وجهينا؛ الأمر الذي استوجب إجراء عدة غرز في جبهة كل واحد منا لا يزال أثرها باقيًا عندي حتى الآن، وكان اللاعب الآخر الذي شُجَّ رأسه هو الكابتن محمود الجوهري الذي أصبح الآن مديرًا فنيًّا لاتحاد كرة القدم.
هذه الحادثة أصابتني بعقدة من كرة القدم في وقتٍ مبكرٍ نسيتها وتجاوزتها بمضي الوقت، لكن العقد تجددت مع هزيمة يونيو 1967، التي لا أعرف لماذا أصابتني بالزهد في الرياضة كلها، بحيث انقطعت عن مشاهدة مباريات كرة القدم وبعد مضي عقد أو اثنين عُدت إلى مشاهدتها بصورةٍ متقطعةٍ في أوقات الفراغ، إلى أن ظهر أبو تريكة في الأفق وتغير بصورة كلية بعد ذلك.
ما فعله معي أبو تريكة سبقه إليه محمد علي كلاي، ذلك أنني جربتُ حظي في الملاكمة يومًا ما، ودخلت إلى الحلبة لكي أتدرب مع زميل دراسة في حلوان، هو وفائي شاكر الشقيق الأكبر لرئيس محكمة النقض الحالي مقبل شاكر، لكني حين سددت إليه أول ضربة نزفت أنفه وأغرقت الدماء وجهه، فركضت خارج القاعة، ولم أعد إلى الحلبة حتى الآن، إلا أن فن محمد علي كلاي في الأداء حببني في الملاكمة بعد ذلك وصالحني عليها، وهي مصالحة انتهت باعتزاله الذي اعتبرته عودة إلى عصر التناطح في تلك الرياضة العنيفة.. شكرًا أبو تريكة.
نافذة مصر 30/1/2008م
كتب الأستاذ فهمي هويدي
حببني أبو تريكة في كرة القدم، ورغم علاقتي التي توترت حينًا، وانقطعت في حين آخر، ففي المرات التي أتيح لي أن أتابعه فيها كنت أجده لاعبًا ماهرًا ينزل إلى الملعب وكأنه مقدم على نزهةٍ وليس معركةً، ويتعامل مع الكرة باعتباره صديقًا لها وليس لاعبًا بها، وأحيانًا كنت أجده فنانًا يُغازل الكرةَ ويغزل بها، في حين يبدو غيره، وكأنهم شلة فتوات سلَّطهم مدربهم على الفريق الآخر ..
لم أعرفه ولم ألتقه يومًا ما، وكان ما سمعته عنه يزكيه دائمًا ويصوره بحسبانه إنسانًا متواضعًا ومستقيمًا، ذا أدبٍ جم وخُلق رفيع؛ لكن كل ذلك كله في كفة، وما فعله في مباراة الفريق القومي ضد فريق السودان في كفةٍ أخرى؛ حيث اكتشفت له وجهًا آخر أصيلاً ومضيئًا، فحين انتهز فرصة تسديدة لهدفه، وفي لحظة تسليط الأضواء، والعدسات عليه بعد الإنجاز الذي حققه، فإنه كشف عن قميصه الداخلي الذي كُتبت عليها بالإنجليزية والعربية عبارة "تعاطفًا مع غزة"، واعتبرت أن الرسالةَ التي وجهها في تلك اللحظة كانت هدفًا آخر ثمينًا للغاية، أحدث صدمةً كهربائيةً للملايين الذين كانوا يتابعون المباراة ذكَّرتهم بأن ثمةَ حدثًا جللاً وكارثةً إنسانيةً، وقعت في غزة، تستحق من كلِّ إنسانٍ شريفٍ أن يتضامن مع ضحايا في محنتهم.
فوجئتُ بالتصرف وأكبرته، إذْ لم يخطر على بالي أن ينشغل نجمٌ كبيرٌ في عالمِ الرياضة بهم سياسي في حجم القضية الفلسطينية، واستغربتُ أن ينزل صاحبنا إلى الملعب، وهو مشغولٌ ليس فقط بتسديد الأهداف، ولكن أيضًا بلفتِ الأنظار إلى الجريمة التي شهدتها غزة، داعيًا الجميع إلى التضامن معها، وأدهشني ما قرأتُه عن أنه لجأ إلى المترجمين المصاحبين للفريق القومي لكي يكتب له عبارة التضامن بالإنجليزية، ثم بحث وهو في غانا عن جهةٍ تتولى طبعها على قميصه الداخلي، لكي يرفع اللافتة أثناء المباراة، وازداد إكباري له حين قرأتُ أنه عرَّض نفسه للمحاسبة، وربما الإيقاف حين رفع شعارًا سياسيًّا أثناء اللعب، وهو ما تحظره قوانين الفيفا.
استسخفتُ الشائعات التي أطلقها البعض، ونسبت إليه انضمامه إلى الإخوان المسلمين التي تعد في خطاب الإعلام والسياسة في مصر نجاسة سياسية ينبغي أن يتطهر منها المواطن الصالح، وقلتُ على الفور: هذا مواطن مصري أصيل، ابن شرعي لبلده وأمته، لم تمح ذاكرته ولم يشوه إدراكه، ولم تُفسده الأضواء ولا الشهرة؛ ولأن ضميره ظل حيًّا ونقيًّا، فإنه لم ينسَ انتماءه ولا قضية أمته، فأعلن موقفه على الملأ بمنتهى الشجاعة والهدوء، وهو بهذه المواصفات يُقدِّم نموذجًا يستحق الاحترام والتقدير.
لقد أعادني أبو تريكة بأدائه وموقفه إلى مقاعد مشاهدي كرة القدم، حتى ضربتُ صفحًا عن ذكرياتي القديمة معها، حين كنا، ونحن تلاميذ في الابتدائية نلاعب فريقًا من أبناء المنطقة التي نسكنها بحلوان، وقفزت لأضرب الكرة برأسي فإذا بي اصطدم برأس لاعب في الفريق الآخر وتشج رأسانا، فنسقط وقد كست الدماء وجهينا؛ الأمر الذي استوجب إجراء عدة غرز في جبهة كل واحد منا لا يزال أثرها باقيًا عندي حتى الآن، وكان اللاعب الآخر الذي شُجَّ رأسه هو الكابتن محمود الجوهري الذي أصبح الآن مديرًا فنيًّا لاتحاد كرة القدم.
هذه الحادثة أصابتني بعقدة من كرة القدم في وقتٍ مبكرٍ نسيتها وتجاوزتها بمضي الوقت، لكن العقد تجددت مع هزيمة يونيو 1967، التي لا أعرف لماذا أصابتني بالزهد في الرياضة كلها، بحيث انقطعت عن مشاهدة مباريات كرة القدم وبعد مضي عقد أو اثنين عُدت إلى مشاهدتها بصورةٍ متقطعةٍ في أوقات الفراغ، إلى أن ظهر أبو تريكة في الأفق وتغير بصورة كلية بعد ذلك.
ما فعله معي أبو تريكة سبقه إليه محمد علي كلاي، ذلك أنني جربتُ حظي في الملاكمة يومًا ما، ودخلت إلى الحلبة لكي أتدرب مع زميل دراسة في حلوان، هو وفائي شاكر الشقيق الأكبر لرئيس محكمة النقض الحالي مقبل شاكر، لكني حين سددت إليه أول ضربة نزفت أنفه وأغرقت الدماء وجهه، فركضت خارج القاعة، ولم أعد إلى الحلبة حتى الآن، إلا أن فن محمد علي كلاي في الأداء حببني في الملاكمة بعد ذلك وصالحني عليها، وهي مصالحة انتهت باعتزاله الذي اعتبرته عودة إلى عصر التناطح في تلك الرياضة العنيفة.. شكرًا أبو تريكة.
نافذة مصر 30/1/2008م
saber_tooth- ملهوش حل
- عدد الرسائل : 161
تاريخ التسجيل : 28/09/2007
رد: فهمي هويدي يكتب عن ابو تريكة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
طبعا على قد ما المقال دا مشوق على قد ما بيحمل معانى راااااااااائعه شوفوا الانسان لما بيحترم نفسه وبيحترم المكان اللى هو فييه بيكون قدوه جميله ازاى .
يقول الله تبارك وتعالى" قل ان صلاتى ونسكى ومحياى ومماتى لله رب العالمين"
جزاك الله خيرا بجد موضوع رائع ومهم
يا صابر
طبعا على قد ما المقال دا مشوق على قد ما بيحمل معانى راااااااااائعه شوفوا الانسان لما بيحترم نفسه وبيحترم المكان اللى هو فييه بيكون قدوه جميله ازاى .
يقول الله تبارك وتعالى" قل ان صلاتى ونسكى ومحياى ومماتى لله رب العالمين"
جزاك الله خيرا بجد موضوع رائع ومهم
يا صابر
ضربة شمس- كله يوسعله
- عدد الرسائل : 126
تاريخ التسجيل : 27/11/2007
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
2010-11-19, 4:43 pm من طرف مشجع الزعيم
» جورج وعيد الأضحى
2010-11-19, 4:41 pm من طرف مشجع الزعيم
» إنما المؤمنون إخوة
2010-11-19, 4:39 pm من طرف مشجع الزعيم
» ذلك هو الفوز العظيم
2010-11-19, 4:36 pm من طرف مشجع الزعيم
» الكسل لايطعم العسل
2010-11-19, 4:33 pm من طرف مشجع الزعيم
» للاتصال 3000 دقيقه مجانا ولفترة محددة ادخل بسرعه
2009-10-09, 12:58 am من طرف مشجع الزعيم
» قوانين لن يسمح بتجاوزها
2009-10-09, 12:52 am من طرف مشجع الزعيم
» على السادة الاعضاء الدخول هنا فورا
2009-10-09, 12:46 am من طرف مشجع الزعيم
» من نحن
2009-10-06, 6:26 pm من طرف احمد صلاح
» شوفتو اللى حصل
2009-09-30, 9:21 pm من طرف بنت الاسلام
» الان ولفترة غير محدودة احجز مقعدك فى الجنة التذاكركتييير
2009-09-15, 9:51 pm من طرف moazhassan
» صحيت من النوم فجأة
2009-09-15, 9:22 pm من طرف moazhassan
» عايز فلوس على النت وتشترى اللى انت عايزية يبقى والله من هنا
2009-09-15, 9:15 pm من طرف moazhassan
» هل تعرف ماهى عقوبة الكذب عند النمل؟
2009-08-06, 11:23 am من طرف medo
» فيديو كليب سيطير النوم من عينك
2009-07-28, 12:35 pm من طرف moazhassan
» ملك لسنة واحدة فقط
2009-07-19, 1:08 am من طرف مشجع الزعيم
» مكتبة فديوهات لرائد التنميه البشريه الدكتور/ إبراهيم الفقي
2009-07-15, 1:19 pm من طرف muslema_99
» شعار الامتحانات
2009-04-29, 5:54 pm من طرف shmas_elasel
» ساكتة لسة!!!!!!!!
2009-04-29, 5:51 pm من طرف shmas_elasel
» صالات للجلوس............
2009-04-29, 5:46 pm من طرف shmas_elasel